سورة القلم - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القلم)


        


{وَلا يَسْتَثْنُونَ} ولا يقولون إن شاء الله.
{فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ} عذاب {مِنْ رَبِّكَ} ليلا ولا يكون الطائف إلا بالليل، وكان ذلك الطائف نارًا نزلت من السماء فأحرقتها {وَهُمْ نَائِمُونَ}.
{فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} كالليل المظلم الأسود. قال الحسن: أي صرم منها الخير فليس فيها شيء.
وقال الأخفش: كالصبح الصريم من الليل وأصل الصريم المصروم، مثل: قتيل ومقتول، وكل شيء قطع فهو صريم فالليل صريم والصبح صريم لأن كل واحد منهما ينصرم عن صاحبه.
وقال ابن عباس: كالرماد الأسود بلغة خزيمة.
{فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ} نادى بعضهم بعضا لما أصبحوا.
{أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ} يعني الثمار والزروع والأعناب {إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ} قاطعين للنخل.


{فَانْطَلَقُوا} مشوا إليها {وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنَّ لا يَدخُلَنَّهَا الْيَومَ عَلَيكُم مِّسكِينٌ} يتسارون، يقول بعضهم لبعض سرًا {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ}الحرد في اللغة يكون بمعنى القصد والمنع والغضب، قال الحسن وقتادة وأبو العالية: على جد وجهد.
وقال القرظي ومجاهد وعكرمة: على أمر مجتمع عليه قد أسسوه بينهم. وهذا على معنى القصد لأن القاصد إلى الشيء جاد مجمع على الأمر.
وقال أبو عبيدة والقتيبي: غدوا ونيتهم على منع المساكين، يقال: حارَدتِ السَّنة، إذا لم يكن لها مطر وحاردت الناقة إذا لم يكن لها لبن.
وقال الشعبي وسفيان: على حنق وغضب من المساكين.
وعن ابن عباس قال: على قدرة {قَادِرِينَ} عند أنفسهم على جنتهم وثمارها لا يحول بينها وبينهم أحد.
{فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ} أي لما رأوا الجنة محترقة قالوا: إنا لمخطئون الطريق، أضللنا مكان جنتنا ليست هذه بجنتنا. فقال بعضهم: {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} حرمنا خيرها ونفعها بمنعنا المساكين وتركنا الاستثناء.
{قَالَ أَوْسَطُهُمْ} أعدلهم وأعقلهم وأفضلهم: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ} هلا تستثنون أنكر عليهم ترك الاستثناء في قولهم: {ليصرمنها مصبحين} وسمي الاستثناء تسبيحًا لأنه تعظيم لله وإقرار بأنه لا يقدر أحد على شيء إلا بمشيئته.
وقال أبو صالح: كان استثناؤهم سبحان الله، وقيل: هلا تسبحون الله وتقولون: سبحان الله وتشكرونه على ما أعطاكم. وقيل: هلا تستغفرونه من فعلكم.


{قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا} نزهوه عن أن يكون ظالمًا فيما فعل وأقروا على أنفسهم بالظلم فقالوا: {إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} بمنعنا المساكين.
{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ} يلوم بعضهم بعضًا في منع المساكين حقوقهم، ونادوا على أنفسهم بالويل: {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ} في منعنا حق الفقراء. وقال ابن كيسان: طغينا نِعَمَ الله فلم نشكرها ولم نصنع ما صنع آباؤنا من قبل.
ثم رجعوا إلى أنفسهم فقالوا: {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ} قال عبد الله بن مسعود: بلغني أن القوم أخلصوا وعرف الله منهم الصدق فأبدلهم بها جنة يقال لها الحيوان فيها عنب يحمل البغل منه عنقودًا واحدًا.
قال الله تعالى: {كَذَلِكَ الْعَذَابُ} أي: كفعلنا بهم نفعل بمن تعدى حدودنا وخالف أمرنا {وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} ثم أخبر بما عنده للمتقين فقال: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} فقال المشركون: إنا نعطى في الآخرة أفضل مما تعطون فقال الله تكذيبا لهم: {أَفَنَجعَلُ المُسلِمِينَ كَالمجُرِمِينَ مَا لَكُم كَيفَ تَحكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ} نزل من عند الله {فِيهِ} في هذا الكتاب {تَدْرُسُونَ} تقرءون.
{إِنَّ لَكُمْ فِيهِ} في ذلك الكتاب {لَمَا تَخَيَّرُونَ} تختارون وتشتهون.

1 | 2 | 3 | 4 | 5